منذ ظهور الذكاء الاصطناعي عرف مجال الرعاية الصحية تطورًا كبيرًا في تشخيص الأمراض وانقاض الأرواح في العالم، باعتباره أداة تساعد على تحليل البيانات الطبية في تحديد الحالات المرضية بدقة وفي مراحل مبكرة، وهذا ما ساعد الأطباء في تقديم علاج مناسب لكل حالة وتحسين فرص الشفاء للمرضى.
يمكن للذكاء الاصطناعي توجيه الأطباء والمختصين في اتخاذ القرارات المناسبة بشأن خطة العلاج، وذلك استنادا الى تحليل بيانات المريض والأبحاث الطبية.
كما يمكنه المساهمة في تطوير التكنولوجيا الطبية، مثل الروبوتات الجراحية والاجهزة الطبية، مما يعزز من دقة العمليات الجراحية ويقلل من المضاعفات المحتملة.
وحسب "معهد الصحة الأمريكية NHJ " فان الذكاء الاصطناعي AI ، يوفر للأطباء تطبيقات عديدة على الهواتف الذكية تسمح لهم بتتبع ضغط الدم المريض، وهذا ما أكده باحثون في أمراض القلب والأوعية الدموية، ان للذكاء الاصطناعي لديه إمكانية كبيرة لانقاض الأرواح، وتشخيص مشاكل القلب والأوعية الدموية الخطيرة.
وفي هذا الصدد قال الدكتور «جيريش نادكارني»، أستاذ في الطب ان " التطورات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على احداث ثورة كبيرة في طرق تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية"، " يمكن لهذه الأداة الذكية ان تساعد الطبيب المعالج في اكتشاف الأمراض، وتحسين الوصول الى الرعاية وتطوير خطط علاجية قد تمنع أمراض القلب والاوعية الدموية وتسيطر عليها".
وعن سرعة قراءة البيانات والأبحاث في مجال أمراض القلب، أوضحت الدكتورة «باتريشيا بانديتيني» وهي طبيبة مختصة في الأبحاث الطبية على مستوى المعهد المختص في الامراض القلبية، ورئيسة برنامج الرنين المغناطيسي والأوعية الدموية، " أن الذكاء الاصطناعي أتاح التقدم في القدرة الحاسوبية وتحليل البيانات بكل دقة وموثوقية"، وباعتبارها طبيبة مختصة في امراض القلب، فقد تدربت على النظر في البيانات من مخطط كهربائية القلب للمريض "ECG".
وأشارت ان " من خلال هذا التخطيط، يمكننا معرفة ما اذا كان المريض يعاني من مشكلة حادة في القلب"، ولكن في بعض الحالات لا يمكننا التنبؤ اذا كان المريض معرضا لخطر الإصابة بشيء أكثر مثل نوبة قلبية".
وباستخدام الذكاء الاصطناعي سيتمكن أطباء القلب من الاستفادة منه لاكتشاف الفروق الدقيقة في البيانات، وهي إشارات صغيرة قد تؤدي الى تشخيص أكثر دقة أو تنبؤات بالنتائج الصحية في المستقبل".
يمكن لهذه البيانات ان تتضمن صورا مثل،مخطط القلب، الموجات فوق الصوتية، الأشعة السينية ثلاثية الأبعاد للقلب، تخطيط كهربائية القلب، علامات الدم،أعراض المريض وحتى المعلومات في السجل الطبي الالكتروني للمريض.
كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي
يعتمد الذكاء الاصطناعي على تقنية التعلم الآلي، التي تمكن الأجهزة الحاسوبية من تحليل البيانات وفهمها. يكمن مفتاح التعلم الالي من اكتشاف الأنماط المخفية في البيانات وبناء نماذج تستخدم تلك المعلومات للتنبؤ بالنتائج المستقبلية.
من الناحية العملية يقوم علماء الباحثين بتدريب الأجهزة الحاسوبية باستخدام مجموعة بيانات ضخمة مثل مخططات القلب، نتائج الاشعة المقطعية، بهدف كشف الأنماط المعقدة التي قد لا تكون واضحة للعين البشرية بسهولة، وتشير بعض الأنماط الى تحسن حالة المريض، بينما تنبؤ أنماط أخرى الى وجود مشاكل صحية محتملة مثل نوبة قلبية. والنتيجة هي ان الكمبيوتر يمكنه قراءة صور المرضى ومقارنتها بالأنماط المعروفة، مما يمكنها من تشخيص والكشف عن حالة قلبية او التنبؤ بالمشكلات المستقبلية.
وشرحت بانديتيني: " ان هناك الاف الأنماط موجودة في البيانات القلب والنتائج المحتملة المتعددة، ويمكن لخوارزمية الذكاء الاصطناعي ان ترى بشكل أسرع وأكثر موثوقية التي تجعل المريض أكثر عرضة للنتائج السيئة".
ومع كل هذا التطور في اكتشاف الامراض والتشخيص الدقيق، ترى بانديتيني ان هذه الأنواع من الاكتشافات في المراحل المبكرة لا تزال بحاجة الى الاختبار باستخدام اعلى المعايير العلمية، وشددت على انه " على الطبيب ان يكون حذر وان يضمن التحقق من المعلومات والتنفيذ الصارم".
وأضافت " عندما يصبح الذكاء الاصطناعي هو القاعدة، فلا ينبغي لأطباء المختصين ان يخافوا على وظائفهم، لأننا نحتاج دائما الى وجود بشر للقيام بضمان الجودة واستكشاف النتائج وادارتها".
وفسرت المختصة ان "الإمكانيات موجودة نحن فقط ننتظر ان يصل هذا المجال الى مستوى الراحة الذي نحتاجه لاستخدامه في الممارسة السريرية اليومية".
بينما يتم تطوير استخدام الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، بدأ المهنيون في المجال الصحي والعلماء في التفكير بالقضايا الأخلاقية والعملية التي معالجتها قبل أن تصبح حقيقة واقعة في العيادات، وبتالي يتطلب تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي مجموعات بيانات كبيرة جدا ولكنها غير متحيزة.
ان التواصل الوثيق بين العلماء والباحثين الذين يطورون النماذج ويحللون البيانات والمهنيين الصحيين الذي يفهمونها يصبح امرا ضروريا.
الذكاء الاصطناعي في العمليات الجراحية
يمكن للذكاء الاصطناعي والتعلم الالي في التطبيقات ان يحسن النتائج الجراحية، عن طريق التطبيقات التي تتنبأ بالنتائج وتساعد الجراحين على تحديد ما إذا كانت عملية معينة تستحق المخاطرة، ويعمل النظام بأخذ البيانات الفردية للمريض بما في ذلك حالة الشخص وتاريخه الطبي الى جانب عوامل عديدة أخرى، كما يقدم توصية للأطباء حول احتمالية إنجاح الجراحة.
ويمكن لربورتات الجراحية ان تكون أكثر دقة من الجراحين في بعض الحالات، يمكنها التأثير بشكل إيجابي على عوامل النتائج، مثل تقليل فقدان الدمن وخطر حدوث أخطاء.
قام فريق في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بتدريب روبرت دافنشي الجراحي على أداء مهام الخياطة بشكل أسرع لكي يستطيع الجراح ذو الخبرة القيام به بدقة تصل الى 99℅.
تحسين تقنية الجراحة.
يمكن ان يساهم الذكاء الاصطناعي اثناء العمليات الجراحية للتأكد من ان الأطباء الجراحين قادرون على القيام بعملهم، مثل نظام الملاحة الجراحي الذي يوفر عرضا ثلاثي الابعاد لتشريح الموقع الجراحي، فاستخدام هذه الأدوات يمكن للجراحين اكمال الإجراءات بسرعة أكبر وبدقة داخل غرفة العمليات.
ان الاستثمار في مجال الذكار الاصطناعي في الرعاية الصحية يمكن ان يسمح لمقدمي الرعاية من العمل بكفاءة أكبر، ولتحقيق نتائج أسرع وأكثر دقة في المجال الطبي. ومع الدراسات والأبحاث الجديدة فان أداة الذكاء الاصطناعي ستستمر بلا شك في انقاذ الأرواح وتحسين النتائج وجودة الرعاية الصحية.
تقرير منظمة الصحة العالمية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة
أصدرت منظمة الصحة العالمية في جوان 2023 تقريرا بشأن الاخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض الصحة، خاصة وانه يفتح فرصا عديدة تبشر بتحسين خدمات الرعاية الصحية في العالم.
خاصة وان الذكاء الاصطناعي يستخدم لتحسين سرعة تشخيص الامراض والفحوصات الطبية، كما يساهم في تعزيز الأبحاث الطبية وتطوير العقاقير، وإدارة نظم الصحة.
كما حذر تقرير المنظمة من المبالغة في تقدير منافع استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، خاصة عند جمع البيانات الصحية واستخدامها بأساليب غير أخلاقية. ويؤكد التقرير ذاته ان نظم الذكاء الاصطناعي ينبغي ان يواكب تدريب على المهارات الرقمية ومشاركة المجتمعات المحلية وتوعيته.
بقلم
عائشة ولد حبيب
صحفية متخصصة في الصحافة الصحية