في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، واستخدام القنابل في المناطق السكانية، يمكن أن تؤدي هذه المخلفات السامة إلى العديد من الآثار السلبية الضارة على المواطنين، مما تتعرض أجسامهم بشكل عام والجهاز التنفسي بشكل خاص. وفي هذا السياق، أجرت " الجزيرة نت" مقابلة مع عضو المجلس العلمي الاستشاري بالشبكة العربية للصحافة العلمية، الدكتور محمد حسن الطراونة، طبيب مختص في الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير العدوى التنفسية، وممثل الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية في الأردن. تناولت المقابلة التأثيرات الصحية لتلك المخلفات، وتساءلت عما إذا كانت تشمل زيادة في حالات الإصابة بالسرطان، وهذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
كيف تؤثر الحروب المستمرة على صحة سكان غزة؟
مع القصف المستمر والقاء المتفجرات بكمية كبيرة على قطاع غزة، يمكن لهذه الهجومات أن تترك أثراً بيئيا وصحيا ساما لا يمكن تجاهله. حيث يتأثر الهواء والماء والتربة، وتلحق الضرر بصحة الانسان الت يمكن ان تستمر الى لفترات طويلة.
وبما أن " سكان غزة" هم أكثر المتضررين يمكن أن تظهر أمراض عديدة غير قابلة للعلاج، وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور محمد حسن الطراونة: ان " للفوسفور الأبيض آثار كارثية على الجهاز التنفسي، حيث يؤدي إلى حرقه وحرق القصبات الهوائية ".
المخلفات السامة للحروب في قطاع غزة
وعن المخلفات السامة أشار الطراونة ،الى ان هناك أنواع عديدة، مواد مشعة، الفوفسور الأبيض، المعادن الثقيلة والهالوجينات.
كيف يمكن لمخلفات الحرب أن تؤثر على صحة سكان قطاع غزة؟
قال الدكتور محمد حسن الطراونة في اجابته عن هذا السؤال الى ان " مخلفات الحرب السامة يمكن أن تؤدي الى العديد من الآثار الصحية الضارة على البشر".
ففي فيتنام، تشير الأبحاث إلى زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالعيوب الخلقية بين أطفال الآباء المعرضين للعامل البرتقالي وفي بعض المواقع، تم العثور على مستويات عالية للغاية من الديوكسينات في التربة والرواسب والأطعمة، وكذلك في حليب الثدي البشري والدم.
و"العامل البرتقالي "مادة استخدمها الأميركيون في حربهم مع فيتنام، ولا تزال تتسبب في ولادة أطفال بعيوب خلقية وإصابات بالسرطان وإعاقات.
وكانت القوات الأميركية رشت ثمانين مليون لتر من العامل البرتقالي فوق جنوب فيتنام في الفترة بين 1962 و1971، وهو مبيد أعشاب ونازع لأوراق الشجر، في محاولة يائسة لإخراج المليشيات الشيوعية من مخابئها وحرمانها الغذاء.
في غزة، تم تحديد كميات مرتفعة من المعادن الثقيلة لدى الأمهات والأطفال حديثي الولادة الذين تعرضوا للهجمات العسكرية. ارتبطت العيوب الخلقية بالتعرض للفسفور الأبيض والقنابل الأخرى التي تحتوي على معادن سامة ومسببة للسرطان.
هل سترتفع نسب السرطان لدى سكان غزة؟
أكد الطراونة الى ان تلوث الهواء بسبب الجسيمات العالقة الناتجة عن المتفجرات يزيد من احتمالية حدوث سرطان الرئة.
تأثير دخان القنابل والصواريخ على الجهاز التنفسي
تحتوي القذائف والصواريخ على مواد مثل البارود والمتفجرات، وعندما تنفجر وتحترق تنبعث منها غازات كربون تؤثر على الجهاز التنفسي.
يؤدي القصف إلى انبعاث العديد من الغازات في الجو، فضلا عن انهيار المباني الذي يؤثر سلبا على الجهاز التنفسي، إضافة الى وجود جسيمات وغيرها من المواد التي يزداد تركيزها في الهواء.
ويتأثر الأطفال أكثر من غيرهم لأن جهازهم التنفسي يكون في طور النمو والتكون ولم يكتمل، لذا فهم معرضون لتشوهات في الجهاز التنفسي وأضرار مزمنة لها علاقة بتنشق الدخان والجزئيات والفطريات.
ويؤدي التعرض للمواد الحارقة أثناء القصف إلى تدمير الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي. ولا يمكن غض النظر عن قنابل الفوسفور التي ألقاها جيش الاحتلال على غزة مرات عدة.
الفسفور الأبيض
فالفوسفور الأبيض جزء من "الأسلحة الحارقة" المحرمة دوليا، وهو مادة كيميائية تشبه الشمع، وغالبا ما تكون صفراء أو ذات لون أبيض كثيف، وعندما يتفاعل هذا الفوسفور مع الأكسجين، يشتعل ويحترق، وينتج دخانا.
السلاح محظور من قبل الأمم المتحدة بحسب اتفاقية جنيف عام 1980 التي تنص على تحريم استخدامه بوصفه سلاحا حارقا ضد البشر والبيئة.
والمشكلة الكبيرة في غزة تتعلق بالضرر الحراري على الجهاز التنفسي، فالفوسفور الأبيض تنجم عنه حرارة تحرق الجلد وتصل للعظم، لذلك فهو محظور دوليا، لأنه يؤذي السكان بدرجات عالية وغير مقبولة.
وللفوسفور الأبيض آثار كارثية على الجهاز التنفسي، حيث يؤدي إلى حرقه وحرق القصبات الهوائية، ويؤدي إلى أورام في البلعوم والقصبات، بالإضافة إلى ضرر مباشر وطويل الأمد ذي علاقة بتنشق الأبخرة العالية الحرارة، التي تؤدي إلى حدوث حروق من الدرجتين الثانية والثالثة، ويسبب خطرا كبيرا بعيد المدى لا يقل عن آثار الحرب الكيميائية والقنابل.
كيف يؤثر تنفس الركام الناجم عن تدمير المباني في غزة على صحة الغزيين؟
يسبب تدمير المباني جراء القصف انبعاث الغبار والأتربة من الحجر والإسمنت، ويجعل الناس تستنشق الجسيمات الدقيقة من مواد البناء، مما يؤدي لردات فعل على الجهاز التنفسي.
وهناك أنواع من الفطريات كفطر "أسبرغيليس" Aspergillus توجد في ورشات البناء، ويستنشقها الناس وتؤذي الجهاز التنفسي كثيرا، وقد تؤدي إلى أمراض تنفسية مزمنة للفئات المعرضين أكثر للخطر، مثل مرضى الأمراض المزمنة.
ما هي أمراض الجهاز التنفسي التي يُتوقع انتشارها في غزة؟
يبدو أن سكان غزة أمام خطر صحي آخر يسببه الاكتظاظ في الملاجئ والمستشفيات وغيرها، فالعديد من الأمراض التنفسية قد تنتقل عن طريق الهواء كالسل والأمراض البكتيرية والفيروسية التنفسية، وهي تظهر بسبب الاكتظاظ داخل الأماكن المغلقة، بالإضافة لعدم تلقي الرعاية الصحية للنازحين في وقت زمني قصير، نتيجة انهيار المنظومة الصحية.
ويؤدي استهداف المنشآت الصحية، وعدم مقدرة الناس على الوصول إليها، إلى تدهور الحالة الصحية، ويزيد من احتمالية تفشي الأمراض.
عائشة ولد حبيب صحفية متخصصة في الصحافة الصحية
عضو في الشبكة العربية للصحافة العلمية