بقلم: د. هبة عبد المطلب
دكتوراه في الهندسة البيئية
خبيرة في الهندسة البيئية ونظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد
تعمل حاليًا استشارية بيئية وهيدرولوجية بشركة متخصصة بالرياض.
تشهد المنطقة العربية حراكاً تقنياً متسارعاً وغير مسبوق في توظيف أدوات الرصد الحديثة؛ لا سيما تقنيات الطائرات المسيرة (Drones) والاستشعار عن بُعد (Remote Sensing) لمراقبة النظم البيئية وإدارة الموارد الطبيعية. يأتي هذا التحول استجابةً للتحديات المتنامية التي يفرضها التوسع العمراني والضغوط المتزايدة على المناطق الساحلية، والموارد المائية، والبيئات الهشة، حيث أضحت الحاجة إلى أدوات رصد دقيقة وسريعة الاستجابة ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى.
"الدرون".. عينٌ دقيقة على التفاصيل:
تتيح الطائرات المسيرة اليوم إمكانيات هائلة لجمع بيانات عالية الدقة ومسح مساحات شاسعة في زمن قياسي، مع ميزة التكرار الزمني للتصوير دون الإخلال بتوازن المواقع الحساسة. وتبرز القيمة المضافة لهذه التقنية في توظيف الكاميرات متعددة الأطياف (Multispectral التي تمكننا من:
-
رصد المؤشرات الحيوية لصحة الغطاء النباتي.
-
قياس التغيرات الدقيقة في خصائص التربة.
-
تتبع الآثار الناجمة عن الأنشطة البشرية.
-
تحديد بؤر التدهور البيئي بشكل استباقي قبل تفاقمها.
الاستشعار عن بُعد .. رؤية شاملة
على نطاق أوسع أصبحت تقنيات الاستشعار عن بُعد (Remote Sensing) حجر الزاوية في فهم وتحليل الأنماط البيئية إقليمياً ومحلياً. فمن خلال صور الأقمار الصناعية ونماذج الارتفاعات الرقمية (DEM)، يمتلك المختصون القدرة على فهم ديناميكيات البيئة عبر التسلسل الزمني، ومقارنة سيناريوهات التغير المناخي والجيولوجي، مما يضع بين أيدي متخذي القرار معلومات جغرافية دقيقة وموثوقة.
إن المستقبل الحقيقي للإدارة البيئية في العالم العربي يكمن في "الدمج الذكي" أي تكامل مخرجات الدرون والاستشعار عن بُعد مع نظم المعلومات الجغرافية (GIS) وخوارزميات الذكاء الاصطناعي ، هذا التكامل ينقل المؤسسات من المناهج التقليدية إلى منظومات عمل تعتمد كلياً على البيانات الضخمة (Big Data) والتحليل المتقدم.
هذا التحول الرقمي في القطاع البيئي لم يعد نوعاً من الرفاهية التقنية بل هو ضرورة استراتيجية وحتمية لضمان التنمية المستدامة وصون مقدراتنا الطبيعية للأجيال القادمة.